السبت، 29 مايو 2021

الحقيقة والمجاز 4-

منقوول

المؤلف : عبد الرحمن الميداني
الكتاب أو المصدر : البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها الجزء والصفحة : ص628-635


القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البيان /


الحقيقة لغةً: الشّيء الثابت يقيناً. وحقيقة الشيء: خالصُهُ وكُنْهُهُ وعناصره الذّاتيّة. وحقيقة الأمر: ما كان من شأنه يقينا. وحقيقةُ الرَّجُلِ: ما يلْزَمُه حفظه والدّفاع عنه، يقالُ: فلانٌ يحمي الحقيقة.

الحقيقة: "فَعِلية" من حقَّت الفكرةُ أو الكلمةُ أو القضيّةُ أو الْمُدْرَكَةُ الذّهنيّة أو نحو ذلك تَحِقُّ حقاً وحُقُوقاً إذا صحّتْ وثبتَتْ وصدقت واستقرت، فهي على هذا بمعنى "فاعله" أي: ثابتة مستقرة صادقة.

الحقيقة اصطلاحاً: اللّفظ المستَعْمَل فيما وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب.

والمراد من الوضع تَعْيِينُ اللّفظ في أصل الاصطلاح للدّلالة بنفسه على معنىً ما، دون الحاجة إلى قرينة.

المجاز لغة: مصدر فِعْلِ "جَازَ" يقال لغة: جاز المسافر ونحوه الطريق، وجاز به جَوْزاً وجوازاً ومجازاً، إذا سار فيه حتى قطعه.

ويطلق لفظ "المجاز" على المكان الذي اجتازه من سار فيه حتى قطعه.

ويقال: جازَ القولُ، إذا قُبِلَ وَنَفَذ. وكذا يقال: جازَ الْعَقْد وغَيْرُه، إذا نَفَذَ ومضَى على الصحّة.

المجاز اصطلاحاً: اللَّفظ المستعمل في غير مَا وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب، على وجْهٍ يَصِحُّ ضمْن الأصول الفكرية واللّغويّة العامّة، بقرينة صارفة عن إرادة ما وُضِع له اللّفظ.

فالقرينةُ هي الصارفة عن الحقيقة إلى المجاز، إذِ اللّفظ لا يَدُلُّ على المعنى المجازيّ بنفسه دون قرينة.

(2)

أقسام الحقيقة والمجاز اللّغوية والشرعية والعرفية

كلُّ من الحقيقة والمجاز ينقسم إلى أربعة أقسامٍ متقابلة:

(1) الحقيقة اللّغوية، ويقابلُها، المجازُ اللّغوي.

إذا استعمل اللّفظ في مجالات الاستعمالات اللّغوية العامة بمعناه الذي وضع له في اللّغة، كان حقيقة لُغَوية.

وإذا استعمل في هذه المجالات في غير معناه الذي وُضِع له في اللّغة، لعلاقة من علاقات المجاز، كان مجازاً لغويّاً.

أمثلة:

* لفظ "أسد" إذا استعمل في المجالات المذكورة للدّلالة على الحيوان المفترس المعروف فهو حقيقة لغوية.

وإذا استعمل للدلالة به على الرجل الشجاع فهو مجاز لغويّ، وعلاقته المشابهة، فهو من نوع المجاز بالاستعارة.

* لفظ "اليد" إذا استعمل في العضو المعروف من الجسد، فهو حقيقة لغويّة.

وإذا استعمل للدلالة به على الإِنعام، أو على القوة، أو على التسبُّب في أمْرٍ ما، فهو مجاز لغوي، وعلاقتُه غَيْرُ المشابهة، فهو من نوع المجاز المرسل.

لفظ "النَّهْر" إذا اسْتُعمل في الشِّق من الأرض الذي يجري فيه الماء، فهو حقيقة لغويّة.

وإذا استعمل للدلالة به على الماء الجاري فيه، فهو مجاز لغويّ، وعلاقته غير المشابهة، وهي هنا "المحليَّة" فهو من نوع المجاز المرسل.

* وإذا قلنا مثلاً "سَالَ الوادي" فقد أسندنا السيلان إلى الوادي مع أن الوادي لا يسيل، لكن الذي يسيل هو الماء فيه، فهذا إسنادٌ مجازي علاقته المجاورة، وهو من "المجاز العقلي".

(2) الحقيقة الشرعية، ويقابلها، المجاز الشرعي.

إذا استعمل اللفظ في مجالات استعمال الألفاظ الشرعية بمعناه الاصطلاحيّ الشرعيّ كان حقيقة شرعيّة.

وإذا استعمل للدلالة به على معنىً آخر ولو كان معناه اللغوي الأصلي كان بالنسبة إلى المفهوم الاصطلاحي الشرعيّ مجازاً شرعيّاً.

أمثلة:

* لفظ "الصلاة" إذا اسْتُعْمِل في مجالات الدراسة الشرعية للدلالة به على الركن الثاني من أركان الإِسلام والنوافل الّتي على شاكلته، فهو حقيقة شرعيّة.

وإذا استعمل بمعنى الدعاء الذي هو الحقيقة اللّغوية، كان مجازاً شرعيّاً.

* لفظ "الزّكاة" إذا اسْتُعْمِل في الركن الثالث من أركان الإِسلام في مجالات الدراسة الشرعية، فهو حقيقة شرعيّة.

وإذا استعمل بمعنى النّماء والطهارة فهو مجاز شرعي.

وهكذا إلى سائر المصطلحات الشرعيّة.

(3) الحقيقة في العرف العام، ويقابلها، المجاز في العرف العام.

يراد بالعرف العامّ ما هو جار على ألسنة الناس في عُرْفٍ عامٍّ على خلاف أصل الوضع اللّغويّ.

إذا اسْتُعْمِل اللّفظ في مجالات العرف العامّ بمعناه الذي جرى عليه هذا العرف كان حقيقة عرفيّة عامّة.

وإذا استعمل للدلالة به على معنىً آخر ولو كان معناه اللّغوي الأصلي، كان بالنسبة إلى هذا العرف مجازاً عرفيّاً عامّاً.

مثل: لفظ "الدّابة" جرى إطلاقه في العرف العامّ على ما يمشي من الحيوانات على أربع، فإطلاق هذا اللّفظ ضمن العرف العام بهذا المعنى حقيقة عرفيّةٌ عامّة.

وإطلاقة ضمن أهل العرف العامّ بمعنىً آخر ولو كان معناه اللّغوي الأصليّ، وهو كلّ ما يدبّ على الأرض من ذي حياة فهو مجاز في العرف العامّ.

وكذلك إذا أطلق على ما يدبّ على الأرض من آلةٍ غير ذات حياة، ومثل هذا الإِطلاق يكون مجازاً في العرف العامّ ومجازاً لغويّاً.

(4) الحقيقة في العرف الخاصّ، ويقابلها، المجاز في العرف الخاصّ.

يراد بالْعُرف الخاصّ مصطلحات العلوم، إذْ لكلّ علْم مصطلحاتُه من الكلمات اللّغويّة ذات الدّلالات اللّغوية بحسب الأوضاع اللّغوية، وهي قد تخالف ما اصطلح عليه أصحاب العلم الخاصّ.

مثل ألفاظ: "الفاعل - المفعول به - الضمير - الحال - التمييز - البدل - وغيرها" في علم النحو.

ومثل ألفاظ: "الجمع - الطرح - الضرب - التقسيم - ونحوها" في علم الرياضيات.

فإذا استعملت هذه الألفاظ ضمن علومها على وفق مفاهيمها الاصطلاحيّة كانت حقيقة في الْعُرف الخاص.

وإذا استعملت في معاني أخرى ولو كانت معانيها اللّغوية الأصلية كانت مجازاً في العرف الخاص.

(3)

تقسيم المجاز إلى مجاز لغوي ومجاز عقلي

ينقسم المجاز في الكلام إلى قسمين:

القسم الأول: المجاز اللّغويّ، وهو الذي يكون التجوّز فيه باستعمال الألفاظ في غير معانيها اللّغوية أو بالحذف منها أو بالزّيادة أو غير ذلك، مثل:

* استعمال لفظة "الأسد" للدلالة على الإِنسان الشجاع.

* واستعمال الشراء والبيع بمعنى أخذ شيءٍ يلزم عنه ترك شيءٍ آخر.

* واستعمال "اليد" بمعنى الإِنعام، أو بمعنى القوة والسلطان.

* واستعمال "الإِصبع" وإرادة الأنملة التي هي جزء من الإِصبع.

* واستعمال عبارة "أراك تقدّم رِجْلاً وَتؤخّر أُخرى" بمعنى: أراك متردّداً.

* ومثل حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وزيادة بعض الحروف للتأكيد أو التزيين.

القسم الثاني: المجاز العقلي، وهو المجاز الذي يكون في الإِسناد بين مُسْنَدٍ ومُسْندٍ إليه.

والتجوّز في هذا القسم يكون في حركة الفكر بإسناد معنىً من المعاني مدلولٍ عليه بحقيقة أو مجاز إلى غير الموصوف به في اعتقاد المتكلّم لمُلابَسَةٍ ما تُصَحِّحُ في الذّهن هذا الإِسناد تجوّزاً، بشرط وجود قرينة صارفةٍ عن إرادة كون الإِسناد على وجه الحقيقة، مثل ما يلي:

* إسناد بناء الجسور ودوائر الحكومة ومنشآتها في الدولة إلى ملك البلاد، نظراً إلى كونه الآمِرَ ببنائها.

* وإسناد القيام إلى ليل العباد لربّه، وإسناد الصيام إلى نهاره، مع أنّ الإِسناد الحقيقي يقتضي أن يُسْنَد القيام والصيام إلى شخص العابد.

* وإسناد حُسْن التأليف والتصنيف إلى قلم الكاتب، مع أنّ القلب لا يُحْسِن تأليفاً ولا تصنيفاً، إنّما يُحْسِنُها الكاتب به البارع.

* وجعل المأكول في الرَّعْيِ الغيثَ النازل من السماء، مع أنّ المأكولَ هو الزرع الذي نبت في الأرض بسبب الغيث.



(4)

تقسيم المجاز إلى مجاز في المفرد ومجاز في المركب ومجاز في الإِسناد ومجاز قائم على التوسّع في اللّغة دون ضابط معين

ينقسم المجاز إلى الأقسام الأربعة التالية:

القسم الأول: "المجاز في المفرد" وهو اللّفظ المفرد المستعمل في غير ما وضع له، كالأسد في الرجل الشجاع، وكاليد بمعنى الإِنعام.

القسم الثاني: "المجاز في المركب" وهو اللفظ المركّب المستعمل بهيئته المركبة في غير المعنى الذي وضع له، لعلاقة ما، مع قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي، مثل:

* أراك تقدّم رجلاً وتؤخّر أخرى، أي: حالك كحال المتردّد.

* أنت تنفخ في رماد، أي: حالُكَ كحال من ينفخ في رماد، في ضياع الجهد.

ومثل:

* استعمال الْجُمَل الخبريّة بمعنى الإِنشاء.

* استعمال الجمل الإِنشائية بمعنى الخبر.

القسم الثالث: "المجاز في الإِسناد" وهو المجاز العقلي الذي يُسْنَد فيه الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له في اعتقاد المتكلم، مثل:

* سالَ الوادي، بإسناد السيلان إلى الوادي، مع أنّ الذي سال هو الماء فيه، والعلاقة المجاورة.

القسم الرابع: "المجاز القائم على التوسّع في اللّغة دون ضابط معين" وهو المجاز الذي يكون التوسُّع اللُغويُّ فيه بوجوه مختلفة لا يجمعها ضابط معين، كالزيادة أو الحذف في بعض الكلام، وكإطلاق الماضي على المستقبل والعكس، مثل:

* حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، نحو: اسأل القرية، أي: اسأل أهل القرية.

* زيادة حروف في ضمن الكلام للتأكيد أو للتزيين، نحو: لفظ "ما" بعد "إذا".

(5)

تقسيم المجاز اللّغوي إلى استعارة ومجاز مرسل

ينقسم المجاز اللغوي بالنظر إلى وجود علاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي، أو بين الاستعمال الأصلي والاستعمال المجازي، أو عدم ملاحظة علاقة ما، بل هو مجرّد توسّع لغوي، إلى قسمين:

القسم الأول: "الاستعارة" وهي المجاز الذي تكون علاقته المشابهة بين المعنى الأصليّ والمعنى المجازي الذي استعمل اللّفظ للدّلالة به عليه.

وهذه الاستعارة تكون في المفرد، وتكون في المركب كما سيأتي إن شاء الله.

القسم الثاني: "المجاز المرسل" وهو نوعان:

* نوعٌ توُجَدُ فيه علاقة غير المشابهة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي الذي استعمل اللّفظ للدّلالة به عليه، كاستعمال "اليد" بمعنى النعمة لعلاقة كون اليد هي الوسيلة التي تستعمل عادة في عطاء الإِنعامات، وكإسناد الفعل أو ما في معناه لغير ما هو له.

* ونَوْعٌ لا توجد فيه علاقة فكريَّةٌ ما، وإنّما كان مجرّد توسُّع لغوي، كالمجاز بالحذف دون ملاحظة علاقة فكرية، وكالمجاز بالزيادة، وغير ذلك.

وسُمِّيَ هذا "مجازاً مُرْسَلاً" لكونه مُرْسلاً عن التقييد بعلاقة المشابهة، سواء أكان له علاقة غير المشابهة، أمْ لم تكن له علاقة ما.

(6) فنُّ المجاز ودواعيه وأغراضه

المجاز طريق من طُرُق الإِبداع البيانيّ في كلِّ اللّغات، تدفع إليه الفطرة الإِنسانيّة المزوّدة بالقدرة على البيان، واستخدامِ الحِيَل المختلفة للتعبير عمّا في النفس من معانٍ تُرِيدُ التَّعْبيرَ عنها.

وقد استخدمه الناطق العربيّ في عصوره المختلفة، في حواضره وبواديه استخداماً بارعاً وواسعاً جدّاً، حتَّى بلغت اللّغة العربيّة في مجازاتها مبلغاً مثيراً للإِعجاب بعبقريّة الناطقين بها في العصور الجاهليّة، وفي العصور الإِسلاميّة، وكان لفحول الشعراء، وأساطين البلغاء، من كُتَّابٍ وخطباء، أفانينُ بديعة، عجيبة ومُعْجِبة من المجاز، لا يَتَصَيَّدُها إلاَّ الأذكياء والفطناء، المتمرّسون بأساليب التعبير غير المباشر عن أغراضهم.

وليس المجاز مُجَرَّد تلاعُبٍ بالكلام في قفزاتٍ اعتباطيّة منْ استعمال كلمة أو عبارةٍ موضوعةٍ لمعنىً، إلى استعمال الكلمة أو العبارة بمعنى كلمة أو عبارةٍ أخرى موضوعة لمعنىً آخر، ووضع هذه بدل هذه للدّلالة بها على معنَى اللّفظ المتروكِ المستَبْدَلِ به اللفظ الآخر.

بل المجازُ حركاتٌ ذهنيّة تَصِلُ بين المعاني، وتعقِدُ بينها روابطَ وعلاقاتٍ فكريّةً تسمح للمعبّر الذكِيّ اللّمّاح بأن يستخدم العبارة الّتي تدلُّ في اصطلاح التخاطب على معنىً من المعاني ليُدلَّ بها على معنىً آخر، يمكن أن يفهمه المتلَقِّي بالقرينة اللفظيّة أو الحاليّة، أو الفكريّة البحت.

* إنّه مثلاً قد يلاحظ انقطاع الصلة بين فئة من الناس وفئة أخرى، أو قومٍ وقوم آخرين، لعداوة قائمة بينهما، ويرى إصْرار كلٍّ من الفريقين على موقفه العدائي، ومجافاة الفريق الآخر، وعدم التلاقي به أو التعامل معه، فَيَلْمَحُ أنّ هذا الأمر بين الفريقين يشبه جبَلَيْنِ يفصل بينهما وادٍ سحيق ليس له قرار، ويلْمَح أنّ إقامة الصِّلاتِ بينهما متعذّرٌ أو متعسّر جدّاً ما دام هذا الفاصل السحيق بينهما، فيخطرُ له أن يتخذ وسطاء مقبولين، من كلٍّ من الفريقين، ليقوم هؤلاء الوسطاء بنقل المصالح والحاجات بينهما.

ويَلْمح أن هؤلاء الوسطاء سيكونون بمثابة الجسور التي تُبْنَى فوق الوادي، ويكون أحد طرفيها على هذا الجبل، والطرف الآخر على الجبل الآخر، وعندئذٍ لا يحتاج المجتازُ أن يَعْبُرَ الوادي السحيق المتعذّر العبور أو العسير جدّاً.

حيت تكتمل لديه الصورة على الوجه الذي سبق تفصيله يختصر في التعبير فيقول: "نقيم بين الفريقين المتعادِيَيْن جُسُورَ التواصل".

إنّه يستخدم كلمة "جسور" استخداماً مجازيّاً، يدركه المتلقّي بالتفكّر، لأنّ الفئات المتخاصمة المتجافية لا تُقام بينهما جسورٌ مادّيّة، بل يقوم الوسطاء بينها بحلّ كثير من المشكلات بينها.

وتدلُّ كلمة "جسور" على صورة ذات عناصر كثيرة، وكلُّ من هذه العناصر ذو دلالة خاصة، وأبعادٍ فكريَّة متشعبة.

ولا يصعُبُ على من يَعْتَاد مثلَ هذه التعبيرات أن يُدْرِكَ أنَّ صاحب العبارة قد شَبَّه حالة الفريقين المتجافيين بحال مُرْتَفِعَيْنِ من الأرض بينهما فاصلٌ يتعذّر أو يعْسُر جدّاً اجتيازه إلاَّ بمجازٍ يُقَامُ بينهما، وهو الجسْرُ الذي يمتَدُّ فوق الوادي، ويكون أحد طرفيه على هذا المرتَفع، والطرف الآخر على المرتَفع الآخر.

* ويتكرّر مثلاً على ألسنة الناس استعمال عبارات: "أهل البلد - أهل القرية - أهل المدينة - أهل الدار" في جُمَل لا يَصْلُح فيها إلاَّ إرادة الأهل.

ثم يلاحظون أنَّه لا داعيَ لذكر كلمة "أهل" في هذه العبارات وأمثالها، لأنَّ المتلَقِّي لا يختلط عليه الأمر، فيختصرون في العبارة فيقولن مثلاً:

"اسأل قرية كذا - أطْعِمْ هذه الدار - عاقب المدينة الظالمة - كرّم البلد الآمن" على تقدير مضاف محذوف هو كلمة "أهل".

فيتجوَّزون في التعبير بداعي الاختصار والإِيجاز في الكلام، مع ملاحظة معاني بلاغية أخرى، كالإِشعار بأنّ كلَّ أهل المدينة يستحقُّون المعاقبة، وكلّ أهل البلد الآمن يستحقّون التكريم.

وهكذا يحمل المجاز في العبارة من المعاني الممتدة الواسعة، ومن الإِبداع الفني ذي الجمال الْمُعْجِب، ما لا يؤدّيه البيان الكلامي إذا اسْتُعْمِل على وجه الحقيقة في كثيرٍ من الأحيان.

مع ما في المجاز من اختصارٍ في العبارة وإيجاز، وإمتاعٍ للأذهان، وإرضاءٍ للنفوس ذوات الأذواق الرفيعة الّتي تتحسَّن مواطن الجمال البياني فَتَتَأَثَّرُ به تَأثُّرَ إعجاب واستحسان.

ودواعي المجاز وأغراضه يمكن ذكر أهمها فيما يلي:

أولاً: أنّ المجاز في الكلام هو من أساليب التعبير غير المباشر، الذي يكون في معظم الأحيان أوقع في النُّفوس وأكثر تأثيراً من التعبير المباشر.

ثانياً: يشتمل المجاز غالباً على مبالغة في التعبير لا تُوجد في الحقيقة، والمبالغة ذات دواعي بَلاغيّة متعدّدة، منها: "التأكيد - التوضيح - الإِمتاع بالجمال - الترغيب عن طريق التزيين والتحسين - التنفير عن طريق التشويه والتقبيح -"إلى غير ذلك.

ثالثاً: يُتِيحُ استخدام المجاز فرصاً كثيرة لابتكار صورة جمالية بيانيّة لا يُتِيحُهَا استعمال الحقيقة، فمعظم أمثلة التصوير الفني الرائع مشحونةٌ بالمجاز.

رابعاً: استخدام المجاز يُمَكِّنُ المتكلّم من بالغ الإِيجاز مع الوفاء بالمراد ووفرة إضافيّة من المعاني والصّور البديعة.

خامساً: المجاز بالاستعارة أبلغ من التشبيه، فما سبق بيانه في دواعي التشبيه وأغراضه موجود في الاستعارة مع أمور أخرى لا تُوجَدُ في التشبيه.

سادساً: المجاز المرسل أبلغ من استعمال الحقيقة في كثير من الأحيان إذا كان حالُ مُتَلَقِّي البيان ممّن يلائمهم استخدام المجاز، ويشدُّ انتباههم لتدبُّرِ المضمون وفهمه.

إلى غير ذلك من دواعي وأغراض تتفتّق عنها أذهان أذكياء البلغاء.








النقد

دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .




العروض

جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .




التراجم

الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.












الأخبار الصحية






خبيرة تحذر من مخاطر الإفراط في شرب المياه المعدنية


التاريخ / 20 / 5 / 2021





خبيرة تحذر من مخاطر الإفراط في شرب المياه المعدنية



اكتشافها قد ينقذ حياتك .. قائمة كاملة بأعراض النوبة القلبية ينبغي أن تكون على دراية بها!



تقوي المناعة وتقي من الأمراض... 10 أطعمة احرص عليها في سن الأربعين



يمكنك تناول هذه الأطعمة في الليل دون ضرر







الأخبار العلمية






علماء أمريكيون يطورون شريحة يمكن إدخالها في الجسم بإبرة


التاريخ / 20 / 5 / 2021





Civic الأسطورية من هوندا أصبحت أكبر وأكثر جاذبية!



Amazon توسّع منافستها لآبل بأجهزة ذكية مميّزة



ثغرة في شرائح Qualcomm تهدد هواتف أندرويد حول العالم!



قشور البرتقال للحصول على خشب شفاف







الساحة الاسلامية






دورةٌ تدريبيّة عن أساليب الإعلام التربويّ







استئنافُ الدورات التدريبيّة الخاصّة بتطبيقات الحاسوب







المختبرُ البايلوجيّ البوّابة الأولى التي يمرّ من خلالها ترميمُ المخطوطة







صدورُ العدد الثامن عشر من مجلّة (ردّ الشمس)




مكتبة الصور العتبة العلوية المقدسة العتبة الحسينية المقدسة العتبة الكاظمية المقدسة العتبة الرضوية المقدسة العتبة العسكرية المقدسة العتبة العباسية المقدسة

منهج مقارنة الأسانيد /منهج مقارنة المتون

 

الإحالة في الموسوعة/منهج مقارنة الأسانيد /منهج مقارنة المتون/ علل المتن:الايجاز النقلي*الرواية بالمعني*علة التبديل اللفظي والسياقي*الرواية بالمفهوم*أوهام المحدثين وأغلاطهم*علة الإختصار النقليعلة التبديل اللفظي*علة تدليس المتن وتسويته*علة التقديم والتأخبر الاجتهادي*علة التفرد والشذوذ في المتن كما هو في السند *النكارة/*الادراج الاضطراب علة المعرضة المتنية*الوهم في الرواية للمتن الخطأ النقلي*علة التحريف*علة التصحيف*علة الخلط*علة القلب**علة الرواية بالتصور النقلي*علة سوء التأويل النقلي*ضبط الخبر في اطار التفاوت في درجات الضبط والحفظ عند الناقلينبين الثقات العدول والثقات الضابطين ومن في ضبطهم عللة*مشكلة التصحيفات وكيف تضبط**ضبط قواعد التحديث بين الثقة والأوثق منه والضعيف واأضعف منه*قاعدة زيادة الثقة*ضبط قواعد الاستنباط الفقهي في ضوء ضبط قاعدة النسخ والتعويل علي تاريخ النزول بشكل قطعي *علة اسقاط الألفظ أو العبارات في الأحاديث*منهج مقارنة المتون والأسانيد******

  1. الإحالة في الموسوعة
  2. منهج مقارنة الأسانيد 
  3. منهج مقارنة المتون 
  4.  علل المتن:
  5. الايجاز النقلي
  6. *الرواية بالمعني
  7. *علة التبديل اللفظي والسياقي
  8. *الرواية بالمفهوم
  9. *أوهام المحدثين وأغلاطهم
  10. *علة الإختصار النقليعلة التبديل اللفظي
  11. *علة تدليس المتن وتسويته
  12. *علة التقديم والتأخبر الاجتهادي
  13. *علة التفرد والشذوذ في المتن كما هو في السند 
  14. *النكارة:
  15. *الادراج الاضطراب علة المعرضة المتنية
  16. *الوهم في الرواية للمتن الخطأ النقلي
  17. *علة التحريف
  18. *علة التصحيف
  19. *علة الخلط
  20. *علة القلب
  21. *علة الرواية بالتصور النقلي
  22. *علة سوء التأويل النقلي
  23. *ضبط الخبر في اطار التفاوت في درجات الضبط والحفظ عند الناقلين بين الثقات العدول والثقات الضابطين ومن في ضبطهم عللة
  24. *مشكلة التصحيفات وكيف تضبط*
  25. *ضبط قواعد التحديث بين الثقة والأوثق منه والضعيف واأضعف منه
  26. *قاعدة زيادة الثقة
  27. *ضبط قواعد الاستنباط الفقهي في ضوء ضبط قاعدة النسخ والتعويل علي تاريخ النزول بشكل قطعي 
  28. *علة اسقاط الألفظ أو العبارات في الأحاديث
  29. *منهج مقارنة المتون والأسانيد
---------------------------------------------------------------------




















































===============================



المجاز 3- والتعقيب


 قلت المدون  يجب الاحتياط والعلم بما يلي 

المجاز اصطلاحاً

المجاز اصطلاحاً

1.هو اللَّفظ المستعمل في غير مَا وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب، 

2.على وجْهٍ يَصِحُّ ضمْن الأصول الفكرية واللّغويّة العامّة، 

3.بقرينة صارفة عن إرادة ما وُضِع له اللّفظ.

-- فالقرينةُ هي الصارفة عن الحقيقة إلى المجاز، إذِ اللّفظ لا يَدُلُّ على المعنى المجازيّ بنفسه دون قرينة. 

قلت المدون 

فالمجاز إذن هو :   

 
1-اللَّفظ المستعمل في غير مَا وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب،

2- ووجهه يَصِحُّ ضمْن الأصول الفكرية واللّغويّة العامّة، 

3- ويلزمه قرينة{دليل قاطع} صارفة عن إرادة ما وُضِع له اللّفظ.

4- ويتسم الدليل الصارف اليها بأنه 

1-محكم   

2-يقيني  

3-ليس فيه احتمال ولا تشابه 

5-ومنسجم تماما مع نسيجه العام غير متعارض مع اتجاهه ولا غايته او نسيجه التشريعي

5- ولا يدل علي تعارض أو انتكاس مخالف للأصل كقولنا أسامة كالأسد للتدليل علي شجاعته فإذا قادنا المجاز الي عكس قضية  الشجاعة بفهم أن أسامة كالاسد في قسوته وغدره مثلا أو حيوانيته امتنع الاستدلال بالمجاز مطلقا وبطل لصيرورته كذبا 

 

6- اذ اننا تجاوزنا حده من التجوز الي الكذب وذلك باطلا 

7- أو كمثل استخدامه في قلب القضايا الموجبة الي سالبة او من سالبة الي موجبة فحينئذ يكون مجازا باطلا تماما لا يصلح

8- او مثل استخدامه من طرف اصحاب التأويل في قلب قضايا نفي الايمان الي اثباتهإ إذ المفترض أن نسبة التجوز المقصودة لاستخدامه تدعمه وترقي الفهم الي الوضوح الأكثر الي اثبات القضية ايجابا وليس نفيها سلبا

9- واساليب استخدام ذلك  الباطلة كثيرة منها 1.الاضافة القالبة للعكس كقولهم في نص ( والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم) الي لا يؤمن ايمانا كاملا     

2.أو التحريف المثبت لنفي الأصل :

كمثل اضافة زيادة مُحوِّلة  من النفي القاطع  الي الاثبات القاطع  

ومن الاثبات القاطع الي النفي القاطع 

حينئذ يتحول المجاز كله الي الكذب اليقيني وحينئذ تسقط قضية التجوز كلها برمتها

 10- أو استخدام مصطلحات واردة دخيلة من وضع المتأول مثل إقران نفي الايمان عن  المؤمن الي اثبات   باستخدام مصطلح الاستحلال مثلا 

11- ووووو

 

 مقالة لجنة الفتوي

السؤال  : يحاول بعض الناس أن يقولوا أن الإضافات الواردة في القرآن إلى الله سبحانه وتعالى تراد على الحقيقة اللغوية والتي تقتضي التجسيم والعياذ بالله، ويسلكون لإثبات ذلك مسالك منها أنهم يدعون أن القرآن ليس فيه مجاز وكل معانيه على الحقيقة، فما صحة هذا المسلك، وهل هناك مجاز في القرآن والسنة ولغة العرب ؟

الجواب للجنة الفتوي:

 بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.

وبعد فالقرآن كلام الله عزَّ وجلَّ، الْمُتَعَّبد بتلاوته، الْمُنَزَّل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء192: 195]،


فهو مُعْجِزة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولأن الزمن الذي وُلِدَ وبُعِثَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم كان زمن الفصاحة والبلاغة والبيان، وجدنا أن معجزته صلى الله عليه وسلم جاءت من جنس ما نبغ فيه قومه -كما هو حال معجزات الرُّسل السابقين مع أقوامهم- فالعرب قد برعوا في قرض الشعر وفي الفصاحة والبلاغة، حتى إنهم كانوا يَعْقِدُون في سوق عكاظ مُبَاريات أدبِيَّة يلقي فيها كل شاعر نتاجه الأدبي من الشعر والفنون الأدبية الأخرى، ويقوم النُّقَّاد باختيار القصائد الجيدة، ويَتِمُّ تعليقها على الكعبة، كما هو الحال في الْمُعَلَّقات.


وبعد نزول القرآن الكريم بلغة العرب، تحدَّى اللَّهُ عز وجل الكفَّارَ بأن يأتوا بمثله، قال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ [سورة الطور: 33، 34]،

 

فعجزوا، ثم تحدَّاهم أن يأتوا بعَشْرِ سور من مثله فعجزوا، قال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [هود: 13]، ثم تحدَّاهم أن يأتوا بسورة من مِثْلِهِ فعجزوا. قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 23].


 وقد نزل القرآن بلغة العرب، وجاء على طرائقهم في البيان والتعبير، فلم تُسْتَغْلَق عليهم عباراته الواضحة، بل أثَّرت فيهم تأثيرا بالِغًا، فكانوا يجدون له وقْعًا في القلوب، وقَرْعًا في النُّفوس يُرْهِبهُم ويُحَيِّرهم فلم يتمالكوا إلا أن يعترفوا به نوعًا من الاعتراف، لذلك لم يحتج الصحابة ولا الذين أدركوا وحيه أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن معانيه الواضحة الظاهرة الْمُشَابهة لطرائق تعبيرهم، وإنما كانوا يسألون عن الْمُسْتَغْلِق عليهم فقط، ولو كان القرآن مُسْتَغْلِقًا على الأفهام، لادَّعى الكُفُّار هذا؛ لِيُقَلِّلوا من شأنه، خاصَّةً وهم في موقف التَّحَدِّي، ولكنَّ هذا لم يحدث، فدلَّ على معرفتهم لأسلوبه، وعدم إنكارهم له.


 

ومن طرائق العرب في التعبير، استخدام التعبير بالمجاز، وهو: «الكلمة الْمُسْتَعْمَلة في غير ما وُضِعَت له في اصطلاح به التخاطب على وجه يصحُّ مع قرينة عدم إرادته»([1]). فالقرينةُ تكون هي الصارف عن الحقيقة إلى المجاز، إذِ اللّفظ لا يَدُلُّ على المعنى المجازي بنفسه دون قرينة. ومثال ذلك: استعمال لفظ (اليد) في الدلالة على الإنعام، أو القوة.

وعرَّفه عبد القاهر الجرجاني بأنه هو: «كل جملة أخرجت الحكم المفاد بها عن موضوعه في العقل لضرب من التَّأَوُّل»([2])  ومثَّل له بقوله: نهارك صائم، وليلك قائم.

ومن الأحاديث النَّبَوِيَّة التي اسْتُخْدِمَ فيها المجاز، قوله صلى الله عليه وسلم «لاَ تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلاَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلاَ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ»([3]) فأراد بالصَّاعِ ما فيه بإطلاق اسم الْمَحَلِّ على الْحَالِّ.

وقد اتَّفَق جمهور العلماء على أنَّ القرآن الكريم قد استخدم أسلوب المجاز، ولم يَشِذْ عن هذا إلا القليل-كما سنذكر- قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: «إنما خاطب الله العرب بلسانها على ما تعرف من معانيها وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها([4]) وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عامًّا ظاهرا يُرَاد به العام الظاهر ويستغني بأول هذا منه عن آخره، وعامًّا ظاهرا يُرَاد به العام ويدخله الخاص فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه، وعامًّا ظاهرا يُرَاد به الخاص، وظاهر يعرف في سياقه أنه يُرَادُ به غير ظاهره، فكل هذا موجود علمه في أول الكلام أو وسطه أو آخره، وتبتدئ الشيء من كلامها يبين أول لفظها فيه عن آخره، وتبتدئ الشيء يبين آخر لفظها منه عن أوَّله، وتكلم بالشيء تعرفه بالمعنى دون الإيضاح باللفظ، كما تعرف الإشارة، ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها؛ لانفراد أهل علمها به دون أهل جهالتها، وتُسَمِّي الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة، وتُسَمِّي بالاسم الواحد المعاني الكثيرة.([5]) فنجد أن ما ذكره الإمام الشافعي لا يخرج عن ما أطلق عليه بعد ذلك مصطلح المجاز.

وقال الإمام الغزالي: «القرآن يشتمل على المجاز, خلافا لبعضهم, فنقول: المجاز اسم مشترك قد يُطْلَق على الباطل الذي لا حقيقة له, والقرآن مُنَزَّه عن ذلك, ولعلَّه الذي أراده من أنكر اشتمال القرآن على المجاز»([6]). وقال أيضا: «المجاز ما استعملته العرب في غير موضوعه، وهو ثلاثة أنواع: الأول: ما استُعِيرَ للشيء بسبب الْمُشَابهة في خاصِيَّة مشهورة، كقولهم: للشُّجَاع أسد، وللبليد حمار, فلو سُمِيَ الأبخر أسدا لم يجز؛ لأن البخر ليس مشهورا في حقِّ الأسد. الثاني: الزِّيَادَة, كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11] فإنَّ الكاف وُضِعَت للإفادة, فإذا اسْتُعْمِلَت على وجْهٍ لا يُفِيد كان على خلاف الوضع. الثالث: النُّقْصَان الذي لا يُبْطِلُ التَّفْهِيم, كقوله عز وجل: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: 82] والمعنى: واسأل أهل القرية. وهذا النُّقْصَان اعتادته العرب فهو توسُّع وتجوُّز»([7]).

 وقال ابن حزم : «لا يجوز استعمال مجاز إلا بعد وروده في كتاب الله أو سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم»([8]).وقال الفراء عند تفسير قوله تعالى: ﴿لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَآءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آل عمران: ]، فقال : «السُّجُود في هذا الموضع اسم للصَّلاة لا للسُّجود؛ لأن التلاوة لا تكون في السجود ولا في الركوع».([9])

فنجده قد صَرَف اللَّفظ عن ظاهره إلى المعنى المجازي.

وقال أبو يزيد القُرَشِي، وهو من أئمة اللغة، المتوفى سنة 170هـ: "وقد يداني الشيءُ الشيءَ وليس من جنسه، ولا يُنْسَبُ إليه، ليَعْلَم العامَّة قُرْبَ ما بينهما، وفي القرآن مثل ما في كلام العرب من اللَّفْظِ المختلف، ومجاز المعاني" ، ثُمَّ مَثَّل بقول امرئ القيس:
قِفا فاسألا الأطلالَ عن أُمّ مالك
    
وهل تُخبِرُ الأطلالُ غيرَ التّهالُكِ

ثم قال: «فقد علم أن الأطلال لا تجيب إذا سُئِلت، وإنما معناه: قفا فاسألا أهل الأطلال، وقال الله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾ [يوسف:82]، يعنى أهل القرية»([10]).

وقد أشار الخليل بن أحمد الفراهيدي-وهو من أئمة اللغة- إلى المجاز واستخدامه، حيث قال في العين: قال: «البَائِضُ» وهو ذَكرٌ، فإن قَالَ قائل: الذَّكَرُ لا يَبِيضُ، قيل: هو في البَيْضِ سَبَبٌ؛ ولذلك جعله بَائِضًا، على قياس والِدٍ بمعنى الأب، وكذلك البَائِضُ، لأَنَّ الوَلَدَ من الوَالِدِ، والوَلَد والبَيْض في مذهبه شيء واحد.([11])

وقال سيبويه : «ومما جاء على اتِّسَاعِ الكلام والاختصار قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا﴾ [يوسف: 82] إنما يُرِيدُ: أهل القرية، فاختصر، وعمل الفعل في القرية كما كان عاملاً في الأهل لو كان هاهنا.([12])

فنُلاحِظُ أن سيبويه بَيَّن أن الفعل (اسأل) قد عمل في (القرية) التي حلَّتْ مَحَلَّ (أهل)، فكان حقُّ الفعل (اسأل) أن يعمل في الأهل لا في القرية، ولا في العير من حيث أنهما قرية وعير، والعلاقة في (القرية) المكانِيَّة، والعلاقة في (العير) المجاورة أو المصاحبة.

وأبو عبيدة، صاحب كتاب مجاز القرآن([13])، كان من الذين أشاروا إلى المجاز ولم يصرِّحُوا باسمه، قال: ﴿وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا﴾ [الأنعام: 6] مجاز السماء ها هنا مجاز المطر، يُقَال: ما زِلْنَا في سماء، أي: في مطر، وما زلنا نَطأُ السَّمَاءَ، أي: أثر المطر، وأَنَّى أخذَتكم هذه السماءُ؟ ومجاز (أرْسلنا): أنزلنا وأمطرنا.([14])

ولا نُرِيدُ أن نُطِيلَ بذكر أقوال العلماء -سواء من ذكروا المصطلح، أو من ذكروا معناه قبل تسميته وإطلاق هذا الاسم عليه- فما ذكرناه فيه الكفاية للدَّلالة على استخدامهم للمجاز في القرآن، وفي السُّنَّة، وفي اللُّغَة.

ولم يشذ عن الاتفاق الذي يقول بوجود المجاز في القرآن والسنة واللغة إلا القليل، منهم: داود الظاهري، وابنه محمد، وابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وفي العصور المتأخرة: محمد أمين الشنقيطي([15]). فنجدهم قد أنكروا وجود المجاز في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف، وحتى في اللغة بوجه عام.

واعتمدوا في نفيهم لوجوده في اللغة بصفة عامَّة، وفي القرآن بصفة خاصَّة على ما يلي : الأول: أن المجاز عند مَنْ يقول به لا يدلُّ على معناه إلا بمعونة القرينة، وهذا تَطْوِيلٌ بلا فائدة، ومع عدم القرينة يكون فيه إِلْبَاس.

والثاني: لو سَلَّمْنَا أنَّ في القرآن مجازًا- والقرآنُ كلام الله- لَقِيلَ لله (مُتَجَوِّزٌ) وهذا الوصف لا يُطْلَقُ على الله باتِّفَاقِ علماء الأُمَّة.

والثالث: وهو من أدلَّة الظاهرية على نفي المجاز في القرآن أنهم قالوا: المجاز كَذِبٌ؛ لأنه يَصِحُّ نفيه، فَيَصِحُّ في قوله تعالى: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ [مريم: 4] ما اشْتَعَل، وإذا كان كَذِبًا، فلا يقع في القرآن والحديث.([16])

والرابع: أن المجاز لا يُنْبئ بنفسه عن معناه، فورود القرآن به يقتضى الالتباس.

والخامس: أن استعمال المجاز لموضع الضرورة، وتعالى الله أن يوصف بالاضطرار.

والسادس: وهو قول ابن تيمية بأن سلف الأُمَّة لم يقولوا به مثل: الخليل، ومالك، والشافعي، وغيرهم من اللغويين، والأصوليين وسائر الأُمَّة، فهو إذن حادث ؟!.

والسابع: إنكار ابن تيمية أن يكون للغة وَضْعٌ أوَّل تفَرَّع عنه المجاز باستعمال اللفظ في غير ما وُضِعَ له كما يقول مجوزو المجاز؟!

الردود العِلْمِيَّة على ما استدلوا به في إنكار المجاز:

أولا: قولهم: إن المجاز عند من يقول به لا يدل على معناه إلا بمعونة القرينة، وهذا تطويل بلا فائدة ومع عدم القرينة يكون فيه إلباس. فالجواب: أنَّ المجاز لا بُدَّ فيه من قرينة، ومع وُجُود القرينة لا يُوجَد إلباس. وليس في المجاز تطويل بلا فائدة: بل فيه فوائد من أَجْلِهَا يُصَارُ إلى المجاز ويُعْدَلُ عن الحقيقة.([17])

ثانيًا: أما امتناع إطلاق وصف (مُتَجَوِّز) على الله فليس عِلَّتُه نفي المجاز عن القرآن، وإنما أسماء الله توقيفِيَّة لا بُدَّ فيها من الإذن الشَّرعي، ولا إِذْنَ هُنَا، فلا يُقَالُ: إذًا على الله إنه (مُتَجَوِّز) لعدم إذن الْمُشَرِّع.([18])

ثالثا: قولهم: إن المجاز كذب، فَرَدَّ عليهم العلامة بهاء الدين السُّبكي بقوله: "إن الاستعارة –وهي نوع من أنواع المجاز- ليست بكذب لأمرين:

أحدهما: خفي معنوي وهو البِنَاءُ على التأويل، لأنَّ الكَذب غير مُتَأَوَّل، ناظر إلى العلاقة الجامعة، وقد التبس ذلك على الظَّاهِرِيَّة، فادَّعَوْا أنَّ المجاز كَذِبْ، ونَفَوْا وقوعه في كلام المعصوم وهو وَهْمٌ منهم.

الثاني: ظاهِرِي لفظي أو غير لفظي وهو كالفرع عن الأول: أنَّ المجاز ينصب قائله قرينة تصرف اللفظة عن حقيقتها، وتبين أنه أراد غير ظاهرها الموضوع لها".([19])

وهذا مردود؛ لأنَّ النفي الذي جعلوه أمارة من أمارات المجاز، المراد به: نفي حقيقة اللفظ. فإذا قيل: رأيت أسدا يحمل السِّلاح، فإن النفي أن الْمُتَحَدَّث عنه ليس هو الأسد الحيوان المعروف، وهذا ليس بكذب، ولا يتوجه النفي إلى المعنى المراد، وهو: الشَّجَاعة.([20])

وقال ابن قتيبة ردًّا على من قالوا بامتناع وجود المجاز في القرآن بقوله: "وأما الطاعنون على القرآن بالمجاز، فإنهم زعموا أنه كذب؛ لأن الجدار لا يريد، والقرية لا تسأل، وهذا من أشنع جهالاتهم، وأدلها على سوء نظرهم وقلة أفهامهم، ولو كان المجاز كذبا، وكل فعل ينسب إلى غير الحيوان باطلا، كان أكثر كلامنا فاسدا، لأنا نقول: نبت البقل، وطالت الشجرة، وأينعت الثمرة، وأقام الجبل، ورخص السعر. وتقول: كان هذا الفعل منك في وقت كذا وكذا، والفعل لم يكن وإنما كون، وتقول: كان الله، وكان بمعنى حدث، والله عز وجل قبل كل شيء بلاغا به لم يحدث فيكون بعد أن لم يكن.([21])

فابن قتيبة يرى البطلان في كلامهم؛ لأن هذا المفهوم يؤدي إلى أن يكون كل كلام العرب المبني على المجاز خطأ، وقد عرف عن العرب، قولهم: نبت البقل، وطالت الشجرة، وأينعت الثمرة.

رابعا: قولهم: إن المجاز لا يُنْبِئُ بِنَفْسِه عن معناه، فورود القرآن به يقتضى الالتباس. فالجواب: أنه لا التباس مع القرينة الدَّالَّة على المراد.([22])

خامسا: قولهم: إن استعمال المجاز لموضع الضرورة، وتعالى الله أن يُوصَفَ بالاضطرار. فالجواب: أنَّا لا نُسَلِّمُ أن استعمال المجاز لموضع الضَّرُورَة، بل ذلك عادة العرب في الكلام، وهي عندهم أمْرٌ مُسْتَحْسَن، ولهذا نراهم يستعملون ذلك في كلامهم مع القُدْرَةِ على الحقيقة، والقُرْآن نزل بلغتهم فجرى الأمر فيه على عادتهم.([23])

سادسا: قول ابن تيمية بأن سلف الأمة لم يقولوا به مثل: الخليل، ومالك، والشافعي، وغيرهم من اللغويين، والأصوليين وسائر الأمة، فهو إذن حادث ؟!. فالجواب: أننا ذكرنا –سابقا- أن العلماء الذين أنْكَرَ ابن تيمية معرفتهم للمجاز وذكرهم له، وجدناهم قد عرفوا المجاز واستخدموه، ولم ينكروه، فإن لم يذكروا المصطلح، ولكنهم ذكروه بالمعنى، أو ذكروا استخدامه في اللغة.

سابعا: وأما إنكار ابن تيمية أن يكون لِلُّغَة وَضْعٌ أوَّل تفرَّع عنه المجاز باستعمال اللفظ في غير ما وضع له كما يقول مُجَوِّزو المجاز؟! فالواضح من هذا أن مذهب ابن تيمية أن اللغة إلهام من الله، وليست وضعية، ، وينفي بِشِدَّةٍ أن يكون جماعة من العقلاء اجتمعوا واصطلحوا على وضع المسميات وتعيينها للدلالة على المراد منها، ويرى أن كل لفظ قد استعمل ابتداء فيما أريد منه دون أن يكون هناك وضع سابق على الاستعمال، والذي دعاه إلى هذا نفي المجاز نفسه، لا في القرآن الكريم فحسب، بل فيه وفى اللغة بوجه عام، لأنه رأى مجوزي المجاز يقولون: إن المجاز ما نقلت فيه الكلمة من المعنى الوضعي فاستعملت في المعنى غير الوضعي، وهذا النقل هو ركن من أهم أركان المجاز، وإن احتاج بعد النقل إلى علاقة وقرينة.

والجواب: أن ابن تيمية قد خالف في كلام أطبق عليه علماء الأمة في كل زمان ومكان، وفي كل فرع من فروع علم اللغة، قواعد وتطبيقات، فقد أدرك الرُّوَّاد الأوائل وغيرهم حقيقة الوضع الأول والخروج عليه، ومنهم مَنْ أشار إليه معنى بغير لفظه، ومنهم مَنْ نصَّ عليه نصًّا صريحا.

والذين أشاروا إليه معنًى سلكوا عدة طرق منها أن يقولوا: هذا مأخوذ من كذا. ومنهم من يقول: هذا أصله كذا، أو الأصل كذا. ومرادهم من الأخذ والأصل أن اللفظ المتحدث عنه له دلالتان: أحداهما: أَصْلِيَّة، وهى دلالة الوضع، والثانية: فرعية وهى دلالة المجاز، وقد يُنَبِّهُ بعضهم بقوله: قد يُسْتَعَارُ لكذا.

وفكرة المعاجم اللغوية نفسها إنما نشأت لجمع الألفاظ اللغوية والوقوف على مدلولاتها التي كان عليها الحال عند العرب الْخُلَّص، ولم يعنوا بالاستعمال المجازي؛ لأنه غير منضبط الدلالة الوضعية، وإنما يكفى فيه ورود نوع العلاقة المعتبرة لا كل صورة من صورها، وعلى هذا كان معتمد الحقائق السماع، أما المجاز فهو قياسي، ويستثنى من هذا الإمام جار الله الزمخشري في كتابه (أساس البلاغة)، بذكره بعض الاستعمالات المجازية بعد كل مادة يفرغ من ذكر دلالاتها الوضعية، وتابع الزَّمخشري بعض العلماء كابن السكيت والثعالبي.([24])

مما قدَّمنا تَبَيَّنَ لنا أن المجاز وَاقِعٌ في القرآن، وفي السُّنَّة، وفي اللُّغَةِ من باب أولى؛ حيث يطلبه المقام ويقتضيه، والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________________________________________________

([1]) بغية الإيضاح 3/78.

([2]) أسرار البلاغة ص 348.

([3]) رواه أحمد في مسنده 2/109، معجم الزوائد 4/113.

([4]) وهذا كان يُطْلق على ما سُمِيَ بعد ذلك بمصطلح المجاز.

([5]) الرسالة للإمام الشافعي، تحقيق أحمد شاكر، ص 51، 52.

([6]) المستصفى للغزالي ص 84.

([7]) المستصفى للغزالي ص 186.

([8]) البحر المحيط للزركشي 3/50

([9]) معاني القرآن للفراء 1/231

([10]) جمهرة أشعار العرب ص 11

([11]) العين للخليل بن أحمد، مادة (العين والشين) 1/79

([12]) الكتاب، لسيبويه 1/212

([13]) مجاز القرآن هنا بمعنى: معانيه، ولا يراد به مصطلح المجاز نفسه.

([14]) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1/279

([15]) وهو صاحب كتاب: أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن، والمتوفى سنة 1393هـ

([16]) المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع 2/624

([17]) المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع 1/623.

([18]) المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع 2/624.

([19]) عروس الأفراح 4/69

([20]) المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع 2/624

([21]) تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 132

([22]) من مسائل الاختلاف في عملي المعاني والبيان ص 61

([23]) من مسائل الاختلاف في عملي المعاني والبيان ص 61

([24]) المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع. 2/ 719، 720 بتصرف.

المجاز (بلاغة)


المجاز (بلاغة)
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة 
المجاز في اللغة هو التجاوز والتعدّي.
وفي الاصطلاح اللغوي هو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى مرجوح بقرينة. أي أن اللفظ يُقصد به غير معناه الحرفي بل معنى له علاقة غير مباشرة بالمعنى الحرفي. والمجاز من الوسائل البلاغية التي تكثر في كلام الناس، البليغ منهم وغيرهم، وليس من الكذب في شيء كما توهّم البعض. وهي تصنف مع علم البيان.
محتويات
1 أنواع المجاز
1.1 المجاز العقلي
1.2 المجاز اللغوي
1.2.1 المجاز المفرد المرسل
1.2.2 المجاز المركّب المرسل
2 مراجع
أنواع المجاز
المجاز نوعان، يقسم كل منها إلى أقسام أخرى:
. مجاز لغويّ: وهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة ما بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي. يكون الاستعمال لقرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي وقد تكون حاليّة أو لفظية.
مجاز عقليّ: وهو استعمال اللفظ بأن يُسند إلى غير من هو له نحو "شفى الطبيب المريض" بسبب علاقة ما، فإن الشفاء من الله وإسناد الشفاء إلى الطبيب مجاز بسبب وجود علاقة بين الطبيب والشفاء وإن لم يشف بنفسه.
المجاز العقلي
المجاز العقلي هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له لعلاقة بينهما مع وجود قرينة مانعة من الإسناد الحقيقي. يكون الإسناد المجازى إلي سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره أو يكون بإسناد المبني للفاعل إلى المفعول أو المبني للمفعول إلى الفاعل. أمثلة:
الإسناد إلى سبب الفعل: كأن نقول: بلّط الحاكم شوارع المدينة. فإن الحاكم لم يبلط الشوارع بنفسه ولكنّه سبّب التبليط.
الإسناد إلى الزمان: كأن نقول: دارت بي الأيام، فالأيام لا تدور بل أنت تدور في تلك الأيام فنسبة الدوران إلى الأيام مجاز.
الإسناد إلى المكان: كأن نقول: ازدحمت الشوارع، فإن الشوارع لا تزدحم بل الناس هي التي تزدحم فيها فنسبة الازدحام إلى الشوارع مجاز.
الإسناد إلى المصدر: كأن نقول: فلان جنّ جنونه، فإن الذي جنّ هو فلان ولكن نسبته إلى المصدر مجاز.
الإسناد في النسبة غير الإسنادية: كقولنا: تجري الأنهار إلى البحر. فإن النهر لا يجري بل الماء الذي فيه هو الذي يجري.
المجاز اللغوي
وهو لفظٌ استُخدمَ لغير معناه الحقيقيّ لعلاقة معيّنة، فكثيراً ما يستخدم الإنسان لفظاً ولا يقصد معناه الحقيقي بل معنى آخرَ مختلفاً، فإذا قال أحد مثلا: رأيت أسداً يكر على الأعداء بسيفه، فهذه الجملة تدل على أن الأسدَ المذكورَ في الجملة ليس الأسد الذي نعرفه، والدليل على ذلك (بسيفه)؛ فالأسد الحقيقيُّ لا يحمل سيفاً، وإنما المقصود بالأسد رجلٌ شجاع. ويقسم المجاز اللغوي إلى نوعين: فإما أن تكون العلاقة هي المشابهة وعند ذلك يسمى بالاستعارة، وإلا سمي بالمجاز المرسل، وكل منهما إما مفرد أو مركب، فالمفرد يكون في كلمة والمركب يكون في عبارة تحتوي على أكثر من كلمة أو في الكلام عامة.
المجاز المفرد المرسل
هو اللفظ المستعمل بقرينة في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة. أو هو كلمة لها معنى حرفي لكنها تستعمل في معنى آخر غير المعنى الحرفي على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون تلك العلاقة مشابهة، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة. مثلا، قد يقال: وضع العدو عينا على المدينة. فالعين هنا المعنى الحرفي لها هو عضو البصر عند الإنسان أو الحيوان أما المعنى المقصود فهو الجاسوس والعلاقة بينهما ليست علاقة مشابهة فالجاسوس لا يشبه العين إلا أن هناك علاقة موجودة، فالجاسوس موجود أصلا كي ينظر إلى العدو ماذا يفعل. أما القرينة المطلوبة فهو أن العدو لا يستطيع أن يضع عينا حقيقية على المدينة وبذا فلا بد أنها مجاز.
أما العلائق فهي كثيرة وبعض العلماء ذكر أكثر من ثلاثين من منها. بعض العلائق:
. الكلية والجزئية: أي يلفظ الكل ويقصد الجزئ أو العكس كقوله تعالى: "فتحرير رقبة مؤمنة"، المقصود تحرير إنسان مسلم كامل وليس رقبته فقط.
. السببية والمسببية: كقوله تعالى "وينزل لكم من السماء رزقا"، أي مطرا لأن المطر هو سبب الرزق.
.العمومية والخصوصية: كقولنا لعب المصريون في مباراة كذا، نقصد وفدا من المصريين لا كلهّم.
. على اعتبار ما كان أو ما سوف يكون: كقولك لأخيك الذي يدرس الطب: يا دكتور، أو كقوله تعالى: "وآتوا اليتامى أموالهم" أي بعد بلوغهم ولكن على اعتبار أنهم كانوا يتامى.
. اللازمية والملزومية: مثلا: طلع الضوء والمقصود طلعت الشمس؛ أو قولنا مشيت في الشمس، أي في حرّ الشمس.
. إطلاق اسم الفاعل أو المفعول على الفاعل أو المفعول أو المصدر: كقوله تعالى: "لا عاصم اليوم من أمر الله" أي لا معصوم. أو كقولنا "ارتدي ثيابا مستورة" نقصد ثيابا ساترة.
المجاز المركّب المرسل
هو الكلام المستعمل في غير المعنى الموضوع له، لعلاقة غير المشابهة. وهو لا يشتمل على كلمات منفصلة تركيبات صغيرة بل يقع في المركبات الخبرية والإنشائية. أمثلة:
. التحسّر، كقوله: (ذهب الصِّبا وتولّت الأيّامُ..) فإنه خبر يُقصد منه إنشاء التحسّر على ما فات من شبابه.
. اظهار الضعف، كقوله تعالى: (ربّ إنّي وهن العظمُ منّي...)، أي أصبحت ضعيفا.
. اظهار السرور، كقوله تعالى: (يا بُشرى هذا غلام).
. الدعاء، كقولنا: (هداك الله للسبيل السويّ).
. اظهار عدم الاعتماد، قال تعالى: (هل آمنكم عليه إلاّ كما امنتكم على أخيه من قبل ).

قائمة
0:00
المجاز العقلي أحد أقسام المجاز
مراجع
"معلومات عن مجاز (بلاغة) على موقع thes.bncf.firenze.sbn.it". thes.bncf.firenze.sbn.it. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
˂
ع
ن
ت
"معلومات عن مجاز (بلاغة) على موقع britannica.com". britannica.com. مؤرشف من الأصل في 22 مارس 2019.
"معلومات عن مجاز (بلاغة) على موقع ark.frantiq.fr". ark.frantiq.fr. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.

ا لمجاز الحقيقة

 

 

الحقيقة لغةً: الشّيء الثابت يقيناً. 

وحقيقة الشيء: خالصُهُ وكُنْهُهُ وعناصره الذّاتيّة. 

وحقيقة الأمر: ما كان من شأنه يقينا. 

وحقيقةُ الرَّجُلِ: ما يلْزَمُه حفظه والدّفاع عنه، يقالُ: فلانٌ يحمي الحقيقة.

الحقيقة: "فَعِلية" من حقَّت الفكرةُ أو الكلمةُ أو القضيّةُ أو الْمُدْرَكَةُ الذّهنيّة أو نحو ذلك تَحِقُّ حقاً وحُقُوقاً إذا صحّتْ وثبتَتْ وصدقت واستقرت، فهي على هذا بمعنى "فاعله" أي: ثابتة مستقرة صادقة.

الحقيقة اصطلاحاً: اللّفظ المستَعْمَل فيما وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب.

والمراد من الوضع تَعْيِينُ اللّفظ في أصل الاصطلاح للدّلالة بنفسه على معنىً ما، دون الحاجة إلى قرينة. 

------------------------

-المجاز

المجاز لغة: مصدر فِعْلِ "جَازَ" يقال لغة: جاز المسافر ونحوه الطريق، وجاز به جَوْزاً وجوازاً ومجازاً، إذا سار فيه حتى قطعه.

ويطلق لفظ "المجاز" على المكان الذي اجتازه من سار فيه حتى قطعه.

ويقال: جازَ القولُ، إذا قُبِلَ وَنَفَذ. وكذا يقال: جازَ الْعَقْد وغَيْرُه، إذا نَفَذَ ومضَى على الصحّة. 



المجاز اصطلاحاً

المجاز اصطلاحاً: اللَّفظ المستعمل في غير مَا وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب، على وجْهٍ يَصِحُّ ضمْن الأصول الفكرية واللّغويّة العامّة، بقرينة صارفة عن إرادة ما وُضِع له اللّفظ.

فالقرينةُ هي الصارفة عن الحقيقة إلى المجاز، إذِ اللّفظ لا يَدُلُّ على المعنى المجازيّ بنفسه دون قرينة. 

قلت المدون 

فالمجاز إذن هو :   

 
1-اللَّفظ المستعمل في غير مَا وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب،

2- ووجهه يَصِحُّ ضمْن الأصول الفكرية واللّغويّة العامّة، 

3- ويلزمه قرينة{دليل قاطع} صارفة عن إرادة ما وُضِع له اللّفظ.

4- ويتسم الدليل الصارف اليها بأنه 1-محكم   2-يقيني  3-ليس فيه احتمال ولا تشابه 

5-ومنسجم تماما مع نسيجه العام غير متعارض مع اتجاهه ولا غايته او نسيجه التشريعي

5- ولا يدل علي تعارض أو انتكاس مخالف للأصل كقولنا أسامة كالأسد للتدليل علي شجاعته فإذا قادنا المجاز الي عكس قضية  الشجاعة بفهم أن أسامة كالاسد في قسوته وغدره مثلا امتنع الاستدلال بالمجاز مطلقا وبطل لصيرورته كذبا 

6- اذ اننا تجاوزنا حده من التجوز الي الكذب وذلك باطلا 

7- أو كمثل استخدامه في قلب القضايا الموجبة الي سالبة او من سالبة الي موجبة فحينئذ يكون مجازا ياطلا تماما لا يصلح

8- او مثل استخدامه من طرف اصحاب التأويل في قلب قضايا نفي الايمان الي اثباته 

9- واساليب استخدام ذلك كثيرة منها الاضافة القالبة للعكس كقولهم في نص ( والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم) الي لا يؤمن ايمانا كاملا

 10- أو استخدام مصطحات واردة دخيلة من وضع المتأول مثل اقران نفي الايمان عن  المؤمن الي اثبات باستخدام مصطلح الاستحلال مثلا 

11- ووووو

 
(2)

أقسام الحقيقة والمجاز اللّغوية والشرعية والعرفية

كلُّ من الحقيقة والمجاز ينقسم إلى أربعة أقسامٍ متقابلة:

(1) الحقيقة اللّغوية، ويقابلُها، المجازُ اللّغوي.

إذا استعمل اللّفظ في مجالات الاستعمالات اللّغوية العامة بمعناه الذي وضع له في اللّغة، كان حقيقة لُغَوية.

وإذا استعمل في هذه المجالات في غير معناه الذي وُضِع له في اللّغة، لعلاقة من علاقات المجاز، كان مجازاً لغويّاً.

أمثلة:

* لفظ "أسد" إذا استعمل في المجالات المذكورة للدّلالة على الحيوان المفترس المعروف فهو حقيقة لغوية.

وإذا استعمل للدلالة به على الرجل الشجاع فهو مجاز لغويّ، وعلاقته المشابهة، فهو من نوع المجاز بالاستعارة.

* لفظ "اليد" إذا استعمل في العضو المعروف من الجسد، فهو حقيقة لغويّة.

وإذا استعمل للدلالة به على الإِنعام، أو على القوة، أو على التسبُّب في أمْرٍ ما، فهو مجاز لغوي، وعلاقتُه غَيْرُ المشابهة، فهو من نوع المجاز المرسل.

لفظ "النَّهْر" إذا اسْتُعمل في الشِّق من الأرض الذي يجري فيه الماء، فهو حقيقة لغويّة.

وإذا استعمل للدلالة به على الماء الجاري فيه، فهو مجاز لغويّ، وعلاقته غير المشابهة، وهي هنا "المحليَّة" فهو من نوع المجاز المرسل.

* وإذا قلنا مثلاً "سَالَ الوادي" فقد أسندنا السيلان إلى الوادي مع أن الوادي لا يسيل، لكن الذي يسيل هو الماء فيه، فهذا إسنادٌ مجازي علاقته المجاورة، وهو من "المجاز العقلي".

(2) الحقيقة الشرعية، ويقابلها، المجاز الشرعي.

إذا استعمل اللفظ في مجالات استعمال الألفاظ الشرعية بمعناه الاصطلاحيّ الشرعيّ كان حقيقة شرعيّة.

وإذا استعمل للدلالة به على معنىً آخر ولو كان معناه اللغوي الأصلي كان بالنسبة إلى المفهوم الاصطلاحي الشرعيّ مجازاً شرعيّاً.

أمثلة:

* لفظ "الصلاة" إذا اسْتُعْمِل في مجالات الدراسة الشرعية للدلالة به على الركن الثاني من أركان الإِسلام والنوافل الّتي على شاكلته، فهو حقيقة شرعيّة.

وإذا استعمل بمعنى الدعاء الذي هو الحقيقة اللّغوية، كان مجازاً شرعيّاً.

* لفظ "الزّكاة" إذا اسْتُعْمِل في الركن الثالث من أركان الإِسلام في مجالات الدراسة الشرعية، فهو حقيقة شرعيّة.

وإذا استعمل بمعنى النّماء والطهارة فهو مجاز شرعي.

وهكذا إلى سائر المصطلحات الشرعيّة.

(3) الحقيقة في العرف العام، ويقابلها، المجاز في العرف العام.

يراد بالعرف العامّ ما هو جار على ألسنة الناس في عُرْفٍ عامٍّ على خلاف أصل الوضع اللّغويّ.

إذا اسْتُعْمِل اللّفظ في مجالات العرف العامّ بمعناه الذي جرى عليه هذا العرف كان حقيقة عرفيّة عامّة.

وإذا استعمل للدلالة به على معنىً آخر ولو كان معناه اللّغوي الأصلي، كان بالنسبة إلى هذا العرف مجازاً عرفيّاً عامّاً.

مثل: لفظ "الدّابة" جرى إطلاقه في العرف العامّ على ما يمشي من الحيوانات على أربع، فإطلاق هذا اللّفظ ضمن العرف العام بهذا المعنى حقيقة عرفيّةٌ عامّة.

وإطلاقة ضمن أهل العرف العامّ بمعنىً آخر ولو كان معناه اللّغوي الأصليّ، وهو كلّ ما يدبّ على الأرض من ذي حياة فهو مجاز في العرف العامّ.

وكذلك إذا أطلق على ما يدبّ على الأرض من آلةٍ غير ذات حياة، ومثل هذا الإِطلاق يكون مجازاً في العرف العامّ ومجازاً لغويّاً.

(4) الحقيقة في العرف الخاصّ، ويقابلها، المجاز في العرف الخاصّ.

يراد بالْعُرف الخاصّ مصطلحات العلوم، إذْ لكلّ علْم مصطلحاتُه من الكلمات اللّغويّة ذات الدّلالات اللّغوية بحسب الأوضاع اللّغوية، وهي قد تخالف ما اصطلح عليه أصحاب العلم الخاصّ.

مثل ألفاظ: "الفاعل - المفعول به - الضمير - الحال - التمييز - البدل - وغيرها" في علم النحو.

ومثل ألفاظ: "الجمع - الطرح - الضرب - التقسيم - ونحوها" في علم الرياضيات.

فإذا استعملت هذه الألفاظ ضمن علومها على وفق مفاهيمها الاصطلاحيّة كانت حقيقة في الْعُرف الخاص.

وإذا استعملت في معاني أخرى ولو كانت معانيها اللّغوية الأصلية كانت مجازاً في العرف الخاص.

(3)

تقسيم المجاز إلى مجاز لغوي ومجاز عقلي

ينقسم المجاز في الكلام إلى قسمين:

القسم الأول: المجاز اللّغويّ، وهو الذي يكون التجوّز فيه باستعمال الألفاظ في غير معانيها اللّغوية أو بالحذف منها أو بالزّيادة أو غير ذلك، مثل:

* استعمال لفظة "الأسد" للدلالة على الإِنسان الشجاع.

* واستعمال الشراء والبيع بمعنى أخذ شيءٍ يلزم عنه ترك شيءٍ آخر.

* واستعمال "اليد" بمعنى الإِنعام، أو بمعنى القوة والسلطان.

* واستعمال "الإِصبع" وإرادة الأنملة التي هي جزء من الإِصبع.

* واستعمال عبارة "أراك تقدّم رِجْلاً وَتؤخّر أُخرى" بمعنى: أراك متردّداً.

* ومثل حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وزيادة بعض الحروف للتأكيد أو التزيين.

القسم الثاني: المجاز العقلي، وهو المجاز الذي يكون في الإِسناد بين مُسْنَدٍ ومُسْندٍ إليه.

والتجوّز في هذا القسم يكون في حركة الفكر بإسناد معنىً من المعاني مدلولٍ عليه بحقيقة أو مجاز إلى غير الموصوف به في اعتقاد المتكلّم لمُلابَسَةٍ ما تُصَحِّحُ في الذّهن هذا الإِسناد تجوّزاً، بشرط وجود قرينة صارفةٍ عن إرادة كون الإِسناد على وجه الحقيقة، مثل ما يلي:

* إسناد بناء الجسور ودوائر الحكومة ومنشآتها في الدولة إلى ملك البلاد، نظراً إلى كونه الآمِرَ ببنائها.

* وإسناد القيام إلى ليل العباد لربّه، وإسناد الصيام إلى نهاره، مع أنّ الإِسناد الحقيقي يقتضي أن يُسْنَد القيام والصيام إلى شخص العابد.

* وإسناد حُسْن التأليف والتصنيف إلى قلم الكاتب، مع أنّ القلب لا يُحْسِن تأليفاً ولا تصنيفاً، إنّما يُحْسِنُها الكاتب به البارع.

* وجعل المأكول في الرَّعْيِ الغيثَ النازل من السماء، مع أنّ المأكولَ هو الزرع الذي نبت في الأرض بسبب الغيث.



(4)

تقسيم المجاز إلى مجاز في المفرد ومجاز في المركب ومجاز في الإِسناد ومجاز قائم على التوسّع في اللّغة دون ضابط معين

ينقسم المجاز إلى الأقسام الأربعة التالية:

القسم الأول: "المجاز في المفرد" وهو اللّفظ المفرد المستعمل في غير ما وضع له، كالأسد في الرجل الشجاع، وكاليد بمعنى الإِنعام.

القسم الثاني: "المجاز في المركب" وهو اللفظ المركّب المستعمل بهيئته المركبة في غير المعنى الذي وضع له، لعلاقة ما، مع قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي، مثل:

* أراك تقدّم رجلاً وتؤخّر أخرى، أي: حالك كحال المتردّد.

* أنت تنفخ في رماد، أي: حالُكَ كحال من ينفخ في رماد، في ضياع الجهد.

ومثل:

* استعمال الْجُمَل الخبريّة بمعنى الإِنشاء.

* استعمال الجمل الإِنشائية بمعنى الخبر.

القسم الثالث: "المجاز في الإِسناد" وهو المجاز العقلي الذي يُسْنَد فيه الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له في اعتقاد المتكلم، مثل:

* سالَ الوادي، بإسناد السيلان إلى الوادي، مع أنّ الذي سال هو الماء فيه، والعلاقة المجاورة.

القسم الرابع: "المجاز القائم على التوسّع في اللّغة دون ضابط معين" وهو المجاز الذي يكون التوسُّع اللُغويُّ فيه بوجوه مختلفة لا يجمعها ضابط معين، كالزيادة أو الحذف في بعض الكلام، وكإطلاق الماضي على المستقبل والعكس، مثل:

* حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، نحو: اسأل القرية، أي: اسأل أهل القرية.

* زيادة حروف في ضمن الكلام للتأكيد أو للتزيين، نحو: لفظ "ما" بعد "إذا".

(5)

تقسيم المجاز اللّغوي إلى استعارة ومجاز مرسل

ينقسم المجاز اللغوي بالنظر إلى وجود علاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي، أو بين الاستعمال الأصلي والاستعمال المجازي، أو عدم ملاحظة علاقة ما، بل هو مجرّد توسّع لغوي، إلى قسمين:

القسم الأول: "الاستعارة" وهي المجاز الذي تكون علاقته المشابهة بين المعنى الأصليّ والمعنى المجازي الذي استعمل اللّفظ للدّلالة به عليه.

وهذه الاستعارة تكون في المفرد، وتكون في المركب كما سيأتي إن شاء الله.

القسم الثاني: "المجاز المرسل" وهو نوعان:

* نوعٌ توُجَدُ فيه علاقة غير المشابهة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي الذي استعمل اللّفظ للدّلالة به عليه، كاستعمال "اليد" بمعنى النعمة لعلاقة كون اليد هي الوسيلة التي تستعمل عادة في عطاء الإِنعامات، وكإسناد الفعل أو ما في معناه لغير ما هو له.

* ونَوْعٌ لا توجد فيه علاقة فكريَّةٌ ما، وإنّما كان مجرّد توسُّع لغوي، كالمجاز بالحذف دون ملاحظة علاقة فكرية، وكالمجاز بالزيادة، وغير ذلك.

وسُمِّيَ هذا "مجازاً مُرْسَلاً" لكونه مُرْسلاً عن التقييد بعلاقة المشابهة، سواء أكان له علاقة غير المشابهة، أمْ لم تكن له علاقة ما.

(6) فنُّ المجاز ودواعيه وأغراضه

المجاز طريق من طُرُق الإِبداع البيانيّ في كلِّ اللّغات، تدفع إليه الفطرة الإِنسانيّة المزوّدة بالقدرة على البيان، واستخدامِ الحِيَل المختلفة للتعبير عمّا في النفس من معانٍ تُرِيدُ التَّعْبيرَ عنها.

وقد استخدمه الناطق العربيّ في عصوره المختلفة، في حواضره وبواديه استخداماً بارعاً وواسعاً جدّاً، حتَّى بلغت اللّغة العربيّة في مجازاتها مبلغاً مثيراً للإِعجاب بعبقريّة الناطقين بها في العصور الجاهليّة، وفي العصور الإِسلاميّة، وكان لفحول الشعراء، وأساطين البلغاء، من كُتَّابٍ وخطباء، أفانينُ بديعة، عجيبة ومُعْجِبة من المجاز، لا يَتَصَيَّدُها إلاَّ الأذكياء والفطناء، المتمرّسون بأساليب التعبير غير المباشر عن أغراضهم.

وليس المجاز مُجَرَّد تلاعُبٍ بالكلام في قفزاتٍ اعتباطيّة منْ استعمال كلمة أو عبارةٍ موضوعةٍ لمعنىً، إلى استعمال الكلمة أو العبارة بمعنى كلمة أو عبارةٍ أخرى موضوعة لمعنىً آخر، ووضع هذه بدل هذه للدّلالة بها على معنَى اللّفظ المتروكِ المستَبْدَلِ به اللفظ الآخر.

بل المجازُ حركاتٌ ذهنيّة تَصِلُ بين المعاني، وتعقِدُ بينها روابطَ وعلاقاتٍ فكريّةً تسمح للمعبّر الذكِيّ اللّمّاح بأن يستخدم العبارة الّتي تدلُّ في اصطلاح التخاطب على معنىً من المعاني ليُدلَّ بها على معنىً آخر، يمكن أن يفهمه المتلَقِّي بالقرينة اللفظيّة أو الحاليّة، أو الفكريّة البحت.

* إنّه مثلاً قد يلاحظ انقطاع الصلة بين فئة من الناس وفئة أخرى، أو قومٍ وقوم آخرين، لعداوة قائمة بينهما، ويرى إصْرار كلٍّ من الفريقين على موقفه العدائي، ومجافاة الفريق الآخر، وعدم التلاقي به أو التعامل معه، فَيَلْمَحُ أنّ هذا الأمر بين الفريقين يشبه جبَلَيْنِ يفصل بينهما وادٍ سحيق ليس له قرار، ويلْمَح أنّ إقامة الصِّلاتِ بينهما متعذّرٌ أو متعسّر جدّاً ما دام هذا الفاصل السحيق بينهما، فيخطرُ له أن يتخذ وسطاء مقبولين، من كلٍّ من الفريقين، ليقوم هؤلاء الوسطاء بنقل المصالح والحاجات بينهما.

ويَلْمح أن هؤلاء الوسطاء سيكونون بمثابة الجسور التي تُبْنَى فوق الوادي، ويكون أحد طرفيها على هذا الجبل، والطرف الآخر على الجبل الآخر، وعندئذٍ لا يحتاج المجتازُ أن يَعْبُرَ الوادي السحيق المتعذّر العبور أو العسير جدّاً.

حيت تكتمل لديه الصورة على الوجه الذي سبق تفصيله يختصر في التعبير فيقول: "نقيم بين الفريقين المتعادِيَيْن جُسُورَ التواصل".

إنّه يستخدم كلمة "جسور" استخداماً مجازيّاً، يدركه المتلقّي بالتفكّر، لأنّ الفئات المتخاصمة المتجافية لا تُقام بينهما جسورٌ مادّيّة، بل يقوم الوسطاء بينها بحلّ كثير من المشكلات بينها.

وتدلُّ كلمة "جسور" على صورة ذات عناصر كثيرة، وكلُّ من هذه العناصر ذو دلالة خاصة، وأبعادٍ فكريَّة متشعبة.

ولا يصعُبُ على من يَعْتَاد مثلَ هذه التعبيرات أن يُدْرِكَ أنَّ صاحب العبارة قد شَبَّه حالة الفريقين المتجافيين بحال مُرْتَفِعَيْنِ من الأرض بينهما فاصلٌ يتعذّر أو يعْسُر جدّاً اجتيازه إلاَّ بمجازٍ يُقَامُ بينهما، وهو الجسْرُ الذي يمتَدُّ فوق الوادي، ويكون أحد طرفيه على هذا المرتَفع، والطرف الآخر على المرتَفع الآخر.

* ويتكرّر مثلاً على ألسنة الناس استعمال عبارات: "أهل البلد - أهل القرية - أهل المدينة - أهل الدار" في جُمَل لا يَصْلُح فيها إلاَّ إرادة الأهل.

ثم يلاحظون أنَّه لا داعيَ لذكر كلمة "أهل" في هذه العبارات وأمثالها، لأنَّ المتلَقِّي لا يختلط عليه الأمر، فيختصرون في العبارة فيقولن مثلاً:

"اسأل قرية كذا - أطْعِمْ هذه الدار - عاقب المدينة الظالمة - كرّم البلد الآمن" على تقدير مضاف محذوف هو كلمة "أهل".

فيتجوَّزون في التعبير بداعي الاختصار والإِيجاز في الكلام، مع ملاحظة معاني بلاغية أخرى، كالإِشعار بأنّ كلَّ أهل المدينة يستحقُّون المعاقبة، وكلّ أهل البلد الآمن يستحقّون التكريم.

وهكذا يحمل المجاز في العبارة من المعاني الممتدة الواسعة، ومن الإِبداع الفني ذي الجمال الْمُعْجِب، ما لا يؤدّيه البيان الكلامي إذا اسْتُعْمِل على وجه الحقيقة في كثيرٍ من الأحيان.

مع ما في المجاز من اختصارٍ في العبارة وإيجاز، وإمتاعٍ للأذهان، وإرضاءٍ للنفوس ذوات الأذواق الرفيعة الّتي تتحسَّن مواطن الجمال البياني فَتَتَأَثَّرُ به تَأثُّرَ إعجاب واستحسان.

ودواعي المجاز وأغراضه يمكن ذكر أهمها فيما يلي:

أولاً: أنّ المجاز في الكلام هو من أساليب التعبير غير المباشر، الذي يكون في معظم الأحيان أوقع في النُّفوس وأكثر تأثيراً من التعبير المباشر.

ثانياً: يشتمل المجاز غالباً على مبالغة في التعبير لا تُوجد في الحقيقة، والمبالغة ذات دواعي بَلاغيّة متعدّدة، منها: "التأكيد - التوضيح - الإِمتاع بالجمال - الترغيب عن طريق التزيين والتحسين - التنفير عن طريق التشويه والتقبيح -"إلى غير ذلك.

ثالثاً: يُتِيحُ استخدام المجاز فرصاً كثيرة لابتكار صورة جمالية بيانيّة لا يُتِيحُهَا استعمال الحقيقة، فمعظم أمثلة التصوير الفني الرائع مشحونةٌ بالمجاز.

رابعاً: استخدام المجاز يُمَكِّنُ المتكلّم من بالغ الإِيجاز مع الوفاء بالمراد ووفرة إضافيّة من المعاني والصّور البديعة.

خامساً: المجاز بالاستعارة أبلغ من التشبيه، فما سبق بيانه في دواعي التشبيه وأغراضه موجود في الاستعارة مع أمور أخرى لا تُوجَدُ في التشبيه.

سادساً: المجاز المرسل أبلغ من استعمال الحقيقة في كثير من الأحيان إذا كان حالُ مُتَلَقِّي البيان ممّن يلائمهم استخدام المجاز، ويشدُّ انتباههم لتدبُّرِ المضمون وفهمه.

إلى غير ذلك من دواعي وأغراض تتفتّق عنها أذهان أذكياء البلغاء. 

5.مجلد5.الفصل لابن حزم في الملل والأهواء والنحل/الجزء الخامس الجزء الخامس

  الفصل لابن حزم في الملل والأهواء والنحل/الجزء الخامس  الجزء الخامس الفصل بكسر ففتح جمع فصلى بفتح فسكون كقصعة وقصع النخلة المنقولة من محلها...